فيلم سيكو سيكو

فيلم سيكو سيكو

في عالم السينما المصرية حيث تتكرر كثيرًا القوالب الكوميدية والدرامية نفسها، يأتي أحيانا فيلم يقلب هذه المعادلة وفيلم سيكو سيكو إنتاج 2025، كان مفاجأة غير متوقعة ولا لأنه يقدّم شيئًا لم يقدم من قبل بل لأنه قدم حكاية مألوفة بشكل غير مألوف وجعل من المواقف اليومية منصةً للضحك والتفكر معا ومع انه بدأ عرضه ضمن موسم عيد الفطر وسط زخم من الأعمال الأخري إلا أنه تصدر شباك التذاكر بسرعة مذهلة ومتجاوزا حاجز 82 مليون جنيه في أول عشرة أيام فقط.

قصة فيلم سيكو سيكو

بعد سنوات من الانتظار والظروف المتقلبة يتمكن شابان ينتميان إلى الطبقة المتوسطة من تحقيق حلم طالما راود مخيلتهما واذ يحصلان أخيرا على ميراثهما بعد وفاة عمهما وفي البداية تسود الفرحة حياتهما ويتخيلان أن هذا الميراث سيكون نقطة التحول التي طالما تمنياها وغير أن الصدمة لا تتأخر في الظهور حين يكتشفان أن ما ورثاه ليس سوى بضاعة غير قانونية وتثير حولها الشكوك والمخاطر وبين الخوف من تبعات الاحتفاظ بها والرغبة في الاستفادة منها يقرران تحويلها إلى فكرة ذكية فا ابكرو لعبة هاتف محمول ابتكراها وأطلقا عليها اسم "سيكو سيكو" ونجحت اللعبة في الانتشار بسرعة وأحدثت ضجة لافتة ولكن النجاح لم يدم طويلا ويظهر زعيم عصابة يدعي ملكيته لتلك البضاعة وتبدء رحلة أخرى من التوتر والتحدي ويجد الشابان نفسيهما أمام واقع أكثر تعقيدا مما ظنا فيتوجب عليهما أن يختارا بين الهروب أو المواجهة.

طه دسوقي وعصام عمر

كثير من الأفلام تعتمد على الكوميديا المصطنعة ولاكن فيلم سيكو سيكو قدم ثنائيا يثير الضحك من دون أن يجهد نفسه في النكات وطه دسوقي جسد شخصية "سليم" ببساطة وهدوء وبينما قدّم عصام عمر شخصية "يحيى" بنبرة ساخرة ومليئة بالحيوية وكان بينهما انسجام ملحوظ يشبه إلى حد كبير تلك العلاقات الواقعية بين أبناء العمومة الذين فرقتهم الحياة وجمعتهم الظروف وما يميّز أداءهما أن كل نظرة أو تعبير يحمل طبقة من المعنى وفي مشهد بدا بسيطا، حيث يتجادلان حول جدوى بيع الميراث وبدا وكأن الحوار مأخوذ من حوار حقيقي بين شخصين نعرفهما جميعًا.

إخراج فيلم سيكو سيكو

المخرج الشاب عمر المهندس، في تجربته الطويلة الأولى تعامل مع السيناريو باحتراف واضح ولم يعتمد فقط على مواقع تصوير جاهزة بل حرص على أن تعكس الخلفيات والبيئة طابع الشخصيات ومن الأزقة الضيقة في الأحياء الشعبية إلى مشهد داخل عالم لعبة فيديو وحتي المشهد الذي كان بمثابة نقطة تحول بصرية في الفيلم بدا واضحا أن العمل لم ينتج بعشوائية.

مشاهد الواقع الافتراضي أنجزت باستخدام مؤثرات بصرية عالية الجودة ودون أن تسقط في فخ المبالغة وهذه التفاصيل التقنية أعطت الفيلم نكهة معاصرة وخاصة لجمهور الشباب الذي بات أكثر تطلبًا.

نجاح فيلم سيكو سيكو

نجاح الفيلم لم يكن مجرد صدفة تجارية بل نتيجة عمل متكامل وحتى لو أنك لم تكن من محبي الأفلام الكوميدية فستجد فيه شيئًا ما يلامسك وربما ضحكت على موقف أو توقفت عند فكرة أو تذكرت صديقا يشبه إحدى الشخصيات وإنه من تلك الأعمال التي تخرج منها وأنت غير متأكد هل كنت تشاهد فيلما خياليًا؟ أم أن ما رأيته كان قريبا جدا من واقعك؟

الديكورات 

الديكورات لم تجمل ولم تقدم كأننا في حكاية خيالية والغرف كانت ضيقة والجدران قديمة والاضاءة باهتة أحيانا  ولكنها تعكس بدقة العالم الذي يعيش فيه الأبطال وتفاصيل صغيرة كعلبة شاي منتهية الصلاحية أو صورة قديمة على الحائط وأضافت بعدًا إنسانيًا للمكان وأما الموسيقى التصويرية، فقد خدمت المشاهد من دون أن تفرض نفسها وفي لحظات القلق كانت تنبض بخفة توتر داخلي وفي المشاهد الكوميدية كانت أشبه بابتسامة خفية تمررها اللقطات للمشاهد.

فيلم سيكو سيكو

هناك شيء صادق في هذا الفيلم وقد لا يكون ذلك واضحا منذ البداية ولاكن كلما تعمقنا في التفاصيل كلما شعرنا أن هناك مرآة ترفع أمامنا والفيلم لا يدين شخصياته ولا يحاول تلقين دروس بل يطرح تساؤلات تُركت لنا كمتفرجين مثل هل الظروف الاقتصادية يمكن أن تدفع شابا للاتجاه نحو خيارات يرفضها أخلاقيًا؟ هل نبالغ في الحكم على من يسلكون طرقا غير قانونية دون أن نفهم خلفياتهم؟ ماذا لو أن الطريق غير المشروع هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق حلم مشروع؟

هذه الأسئلة لا تطرح بصوت عالٍ في الفيلم ولكنها تسكن تحت السطح، وتطفو تدريجيًا مع تطوّر الأحداث وسليم ليس مجرد شخصية سينمائية بل تجسيد لحالة واقعية لشباب يملكون مهارات رقمية وأفكارا خلّاقة ولكن لا يملكون الدعم. والفيلم لا يعرض هذه الفكرة بشكل مباشر بل يزرعها في مشهد او في نظرة او في تعليق عابر ويحيى رغم كل تهوره يمثل جزءا من الواقع أيضا شاب يعيش باليوم ويرتجل كل شيء، لكنه لا يخلو من لحظات صدق وإنسانية.

ولفيلم سيكو سيكو اضغط هنا

إرسال تعليق